في بطن الحوت : تمر بي الآن لحظات من العد العكسي التي تثير لدي حالة من السكون السلبي ، ذلك السكون الذي يسرق مني أجمل الأوقات التي كانت لولاه في أبها صورها ماضية مع كثير من مسرة ، أبحث في دفتر الأيام عن مخرج لتلك الحالة السلوكية الداعية للتجمد ضد أي إضافة دافعها إسقاط المشاعر على جبين الأوراق المتراصة في مصفوفة من الخواطر الدافقة في حالة من أحلام شتى ، منها ما تحقق في إطار الماضي وأصبح طي الذكرى الجميلة ، ومنها ما ينتظر التحقق برهن من قدر عبقري العينين ، سأقرأ إذن في فنجان التنجيم لتلك الخواطر بعيدا عن مخاطر السقوط في دوامة اليأس ، وكفيل ذلك بصيص من الأجمل يسكن بالمجان صندوق بالإيمان ، رغم أني أعلم علم اليقين أن لكل بداية نهاية لكني لا أعرف ما هو المدى الأخير الفاصل بين بداية أول كلمة عبرت بها عن مشاعري في دفتر الأيام وخواطر الأحلام متسائلا بماذا بعد ؟ ، وحتى تاريخ كتابة هذه الخاطرة الملحقة بالكتاب الذي أعبر فيه عن حالة من الأدب الشخصي ، والذي أختاله مع الأيام مرآة لي حول انطباعاتي التاريخية حتى أفهم ذاتي أكثر ، وبوصلة في حاضر أيامي عن أمنياتي المقيدة في فلك أزماني ، واضعا بعد حين تحت المجهر اللحظة التي كانت مسكونة في وجداني معبر عنها في تدوين العاشق المحب لكل ذو قيمة أو ذات بال ، لا أدري ما هي الخاطرة التي ستنال آخر رقم في تسلسل منطقي لمقالات أدبية صرفة ، فالتدوين إذن مستحق الوجوب طالما بالقلب نبض يدعو العقل بالإستطراد في التعبير بشوق عن مآلات النفس المدركة لكل أمر ، يستفز الحرف النائم في كهف الكلمة لينطلق مشكلا عبارات تستحق السكنى في ذلك الدفتر الكتاب المغلق عنه في صندوق التعابير الوجدانية ، أو طالما يتنفس حبرا يسكبه على وريقات لا تقاوم في شغلها بجمل حالمة لم تغتال بسبب سقف حريتي المضبوطة في بلدي الحبيب ، فأنا عندما أكتب بفن جوهر مقالتي أكون سعيدا كمن يعزف سيمفونية موسيقية أداته في ذلك عودا أو جيتارا ، فكلما راودني الحنين لقراءة ما جادت به قريحتي من سنين فتحت ذلك الصندوق المكنوز مستخرجا منه كتابي الثمين ، حتى أطير سابحا في فضاء ما عبرت عنه بالفرح أو الحزن بالحب أو الكراهية بالإعجاب أو اللاإعجاب بالقوة أو الضعف ، إلى غير ذلك من مشاعر لا تنفك تشغلني بالأدب الساكن في جوارحي المتدفقة باللغة البشرية ، إنها لحق نعمة من المولى القدير أن تجد لمشاعرك ملاذا آمنا تحفظ به لك أو لغيرك أثرك في عهدة من الزمن الفاني ، عل أن يكون لك في سرمد الحياة ما تنشق له الأرض بقوة الحرف الباهر مستخرجة نور الكلمة التي تضيء لك ظلام الضنك حتى تعبر من حياة إلى حياة خلال جسر ثقافي مستفيضا بالحركة الساكنة في أعماق من تاريخ منصرم تفتح بعده صفحة جديدة من كتاب الأيام والأحلام لتكون آخر كلماته أحمد الله ، لكن متى سيكتب لي قول هذه الكلمة بملئ الفيه حامدا للرب في عطاياه بعد أن ضقت ذرعا بضيق الحال الذي يهز كياني بلا رحمة ، قل عسى أن يكون قريبا .